سلامة .. سلامة .. فوق يا أستاذ .. هاتوا كلونيا يا جماعة .. لأ لأ نشممه بصلة .. بصلة إيه كيلو البصل بخمسة جنيه .. هاتوا جردل ميه .. هرج و مرج .. هيصة و زمبليطة .. يغلبني النعاس فأغفوا مرة آخرى .. و ما هي سوى لحظات حتي أتنبه علي نفس هذه الإرهاصات المزعجة .. للوهلة ظننتها إحدى مشاجرات إبنتي الصغيرة ( سماء) مع أحد أبناء عمتها (أحمد و سيف ) و ما أكثرها .. ففتحت عيناى متثاقلاً و متثائباً و انا أصرخ بهتافي الشهير و بعدين يا قلل .. فسمعت صوتاً فرحاً يقول الحمد لله كده بدء يفوق .. و سمعت صوت زفرات إرتياح متعددة المقامات و الروائح .. و فجأة تنبهت أنني ممدد علي أحد الكراسي تحدق بي عشرات العيون .. بين مشفق و متشفي .. و عندما تجولت عيناى في محيط المكان .. وجدته .. أيون هوه .. مدكور .. مدير مكتب السيد الدكتور المهندس رئيس الوزراء .. رأيته واقفاً غير بعيد في وضعية غريبة من أوضاع الكر و الهجوم .. و بين يداه دلواً مملوءً بالمياه .. و ما أن إلتقت عينانا حتي تخلي عن و ضعيته و أرخي دلوه و هو يتمتم حانقاً نشفت دمي منك لله .. لحظات صمت و تأمل مرت مرور الكرام بين الحشد المتلاصق داخل هذا الحيز الفخيم .. لم يعكر صفوه سوى صوت السيد الدكتور المهندس رئيس الوزراء و هو يقول في نبرة حادة خلاص يا جماعة أشكركم ازمة و عدت .. الاستاذ الياس بخير .. ثم وجه كلامه لمدير مكتبه قائلاً مدكور شوف الاستاذ يشرب إيه ؟.. فأقترب مدكور مني و ما زال الدلو بإحدى يديه وهو يقول نفسك في إيه يا استاذ ؟ .. علي الفور أجبته قائلاً نفسي أروح .. فغمغم قائلاً ليك نفس تهزر .. يومك نحس .. تحب تشرب أيه ؟ خلصنا .. فقلت متهكماً قهوة عالريحة بس تكون في الجردل اللي في أيد سعاتك .. و للا أقولك بلاش عالريحة خليها سادة أكيد ريحتكم و حشة .. و للحظات تيقنت أن مدكور سيلقي ما بدلوه فوق رأسي من شدة الغيظ .. إلا أن صوت السيد الدكتور المهندس رئيس الوزراء و نبرته الجادة قطعت الطريق علي السيد مدكور من أن يحقق أسمي أمانيه في الوقت الحاضر .. عندما قال خلاص خلاص يا مدكور هات لنا أتنين لمون بسرعة .. ثم قال موجهاً حديثه إلي سلامتك يا أستاذ قلقتنا عليك .. فتمتمت قائلاً فيك الخير يا خويا .. عالم ما عندهاش دم .. تقتلوا القتيل و تلطموا بحرقه .. فتابع حديثه : فكرك هتعرف تهرب مني قبل ما تجد لي حل مقنع للمصيبة اللي أنا فيها .. فقلت من فورى أهرب!! .. يا باشا معرفة الرجال كنوز .. بس أموت و اعرف ليه إخترتني أنا بالذات ؟!! .. فرد متحمساً مش أنت من بتوع مصر هي أمي ؟ أهي أمك محتاجاك يا حلو ورينا الهمه .. فقلت طبعاً يا دكترة مصر هي أمي .. بس مش أمي أنا لوحدى .. عندها عيال كتييررر ( ده غير عيال الريس طبعاً ) يقدروا يفيدوك أكتررر مني .. إشمعني أنا ؟ ريحني .. فأقترب مني و هو يقول في حدة عشان ما فيهموش و احد لسانه أطول من لسانك .. ليل و نهار نازل فينا تهزيق و بستفه .. عامللي فلحوص .. و رافعللي حاجب و ما حد عاجب .. ثم إستدار رافعاً رأسه في تعالٍ مفتعل مواصلاً حديثه : شوف يا خفيف عايز منك تصنيف للشخصيات التي من الممكن أستعين بها في الحكومة الجديدة .. ثم نظر إلي متسائلاً ليك في الهوا يا معلم .. فعلقت متهكماً ليه سعاتك إنتو محتاجين عجلاتي في الوزارا ؟ .. فرد متهكماً لأ يا ظريف هنعمل وزارة للبلالين ؟ عجلاتي إيه يا فسل ؟ أن اقصد الهواء الذى نتنفسه.. وزارةالبيئة .. يا بيئة .. فقلت لا مؤاخذة يا برنس كلامك كله يحتمل المليح و الآبيح .. بس أنا لا أعرف عن الهوا سوى الهوا هوايا .. و لا أعرف عن الأنفاس سوى إني أتنفس تحت الماء .. يعني لو هتعمل وزارة لسي عبدالحليم حافظ أنا راشق .. فقال و حياة أمي لأعمل وزارة مخصوص علي مقاسك .. فرددت مسرعاً و انا مستقيل .. فرد متعجباً مستقيل من إيه ؟يا خفة يا أنا يا إنت.. خلصني .. فأعتدلت في جلستي مستشعراً الأهمية ثم قلت شوف يا هندزة إنت تشوف كام راجل علي كام ست كلٌ في تخصصه بغض النظر عن ديانته أو إنتمائه السياسي .. تخين روفيع .. طويل قصير .. المهم يكون متمكن في تخصصه .. و ترشحه للوزارة .. وهنا قاطعني السيد الدكتور المهندس الوزير قائلاً إن بتطلب المستحيل .. الوزارا لازم تكون فريق عمل متكامل قادر علي التفاهم .. و اللي بتتكلم فيه يعني مجلس حرب مش مجلس وزرا .. وممكن يضربوا بعض بالمولوتوف و المانتوفلي .. فقلت يبقي مافيش غير حل واحد .. فرد مسرعاً إلحقني أنا في عرضك .. فقلت إنت تعمل مؤتمر صحفي عالمي بدعوى الإعلان عن الوزارا الجديدة و تشرح المعوقات التي واجهتها في سبيل تشكيل الوزارا و في نص الكلام تعلن إنسحابك من التشكيل .. وبكده توريح و تستريح .. فنظر إلي فاغراً فاه و هو يقول و حياة نينا .. الكهربا يا مدكور .. و في سرعة البرق صحوت من نومي و انا استعيذ بالله من الشيطان الرجيم
ملحوظة : اخبرني احد العالمين ببواطن الامور ان السيد قنديل سيعتذر عن تشكيل الوزارا .. و الله أعلم