السبت، 22 أغسطس 2015

الفيل الراقص .. سلامة الياس


كلما انتهت لعبة نبدء غيرها .. حكمة فطرية يؤمن بها المغامرون و المشتاقون و الحالمون و المشاهدون  علي السواء .. و مع ذلك لا وجود لها داخل كواليس السيرك السياسي ..  انها لعبة واحدة متعددة الفقرات .. بانماط متصله لا تنفصل .. قد تختلف ادواتها .. قد يختلف منفذوها .. قد تختلف اجواءها .. و لكن الهدف واحد لا خلاف عليه .. السيطرة علي الوعي العقلي للمشاهد .. ولذا تتم جميع الفقرات في اطار مكاني متكامل ومعد مسبقا دون تغيير جذرى يذكر في احداثيات هذا المكان .. و ذلك من خلال برنامج زمني حساس لضبط الحس الانفعالي للمشاهدين مهما كانت الظروف .. لتقنين الخسائر ان وجدت  .. و الاستفادة منها ان امكن .. و لذا يتم الربط بين هذا الاطار المكاني و البرنامج الزمني بخيوط خفية .. لا يشعر بها اللاعبون او المشاهدون علي السواء للحفاظ علي الثبات الانفعالي للجميع  .. تقيهم شر الفوضي و العشوائية في احلك الظروف ..  و مع الموسيقي المتداخلة الايقاع و الاضواء المتقاطعة المبهرة .. تدخل مجموعة من الفيلة الضخمة تزهوا في خيلاء تستعرض احجامها الهائلة و تحيي مشاهديها بخراطيمها العجيبة و اذانها العريضة .. وسط حالة من البهجة و المرح التي تطغي علي المتواجدين .. لرؤيتهم اضخم مخلوقات الارض.. والوحوش الاسطورية التي طالما اشاعت الرعب و الفزع في قلوب  اشجع المحاربين علي مر العصور  .. و قد تراصت في هدوء .. في انتظار اوامر مدربيها .. تنفذها في هدوء مدهش .. و رشاقة مدروسة .. وسط انفعالات  متفاوتة لجمهور عاشق لهذا الوحش الودود .. لا يصدق ما تراه عيناه من خفة الحركة و سهولة الايقاع وانسيابية التواصل بين المدرب و هذه الجبال الراقصة  ... المدهش ان الجمهور يرى ما يجب ان يصدقه .. اما ما لن يستطيع تصديقه فهو وجود مجموعة من القناصة قابعون بين الجموع وخلف الكواليس ..  لمنع الكارثة او تقليل خسائرها قدر الامكان .. نعم قناصة .. لمنع كارثة بكل المقاييس فهذا الوحش الودود اذا احس بالخوف او الجوع  .. انتابته حاله من الهياج الشديد يندفع علي اثارها مهاجما محطما كل متواجد في محيط رؤياه متحركا كان او حجاره .. فالهلع يصيبه بالشك و الريبه في كل شيء .. كل شيء .. و لن يوقفه شيء سوى الموت  .. و الموت فقط  .. و لذا يحرص منظرى السيرك علي عدم تجويع الفيلة .. و ضبط سلتها الغذائية علي الدوام ..  كما يتم حقنها بانواع معينة من مثبطات الاحاسيس بجرعات مركزة  تقيها شر التفاعل الضدى مع انفعالات الجمهور المفاجئة .. و هي مثبطات كالتي تتناولها الفيلة في البرية .. و مع زيادة هذه المثبطات في الدم تميل الفيلة المسنة للعزلة و الوحدة و تذهب بعيدا لتموت وحيدة .. اما في السيرك فلا يمكن ان تموت وحيدة  .. بل تموت بين احضان كواسر السيرك من اكلي اللحم .. و ما ان تنهي الفيلة فقرتها الراقصة حتي يتنفس الجميع الصعداء .. بين فرحة الصغار و انبهارهم بوحشهم المحبوب .. و رضاء الكبار عن فقرة ساحرة دون ابتذال ..
.. بينما يتلاصق الحالمين بمقاعدهم محاولين إستكمال الأحلام و إستعادة الذكريات .. رغم إنتهاء العرض و تلاشي المعروض .. فهم يعشقون كل غامض ومخيف و خارق .. يهربون به من مرارة واقعهم الأليم .. أما وراء الكواليس فعالم أخر من المحترفين
كخلايا النمل
نظام وعمل دائمين
ملحوظة : فقرة الفيل الراقص ينظمها منظرى السيرك لجذب شريحة من اصحاب الاحاسيس المرهفه و القلوب الرقيقة لاجبارهم علي مشاهدة فقرات السيرك الاخرى و المشاركة في اللعبة الاساسية بلا وعي .. حتي تزدهر حياة السيرك و تدوووووم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أقرأ

الفاجر و العاجز بقلم سلامه الياس

اذا منعتك قسوه قلبك عن طلب الرحمه للاموات   فدعهم للرحمن الرحيم                                                                            ...