لم يعد خفياً علي أحد عمق الهوة السحيقة التي سقطت فيها العلاقات الأمريكية المصرية بعد التصريحات البذيئة للست هيلارى كلينتون … ففي خطوة غير مألوفة مخالفة لكافة الأعراف و البرتوكولات الدبلوماسية قامت السفارة الأمريكية بجاردن سيتي بإخفاء عدد من المتهمين الرئيسيين في قضية التمويلات الأجنبية المشبوهة للمؤسسات الحقوقية الأكثر شبهة ..
و هو ما يعكس ما وصلت إليه العلاقات الدبلوماسية بين مصر و إدارة الريس أوباما حرب و حريمه سليطات اللسان .. كما يعكس مدى الرعب المصابة به السفيرة آن باترسون في القاهرة من كشف التحقيقات عن تورط دبلوماسيين أمريكان رسميين في تمويل جماعات و تنظيمات إجرامية مسلحة لبث الفوضي و إشعال الفتن الطائفية في مصر ..
كما يعكس تخوفها الشديد من إستدعاء بعض هؤلاء الرعايا للتحقيق رسمياً و كشفهم لأسماء شخصيات مصرية و عربية و أجنبية ممولي هذه التنظيمات و كذلك الشركات التي تعمل في غسيل الأموال المشبوهة و صلاتها بدبلوماسيين و ساسة أمريكان داخل و خارج مصر .. و هي أمور أصابت إدارة البنتاجون بالفزع و جعلته يتدخل للمرة الثانية عن طريق بانيتا وزير الدفاع الأمريكي للتوسط لدى المجلس العسكرى لإيقاف هذه الأزمة و طرق معالجتها ..
مما يعني صدق ما نشرناه بخصوص فشل بانيتا في مهمته الأولي منذ شهر تقريباً ورفض رجال الجيش المصرى لوساطة أياً كان نوعها أو مستواها ما لم تعتذر بيلارى إعتذاراً رسمياً عن بذائتها تجاه الجيش و الشعب المصرى .. كما يعني جفاف القنوات الدبلوماسية للسفيرة باتي في القاهرة و هي خطوة تسبق عادةً تجميد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين و إبلاغ باتي و كتيبتها الأليكترونية أنهم غير مرحب بهم في مصر (طرد بطريقة مهذبة).. و ما يستتبعه من إغلاق وكر الجواسيس بجاردن سيتي ..
خاصةً و أن ذلك يتزامن مع تحرك شعبي برلماني بقيادة بعض نواب البرلمان المصرى نحو ضرورة ردع الساسة و الدبلوماس الأمريكان لمنعهم من التدخل في الشأن المصرى الداخلي و شحن الرأى العام المصرى ضد السياسات الأمريكية في مصر ..
و هو ما يعكس أيضاً حجم توتر الساسة الأمريكان من تدهور العلاقات الأمريكية بدولة صديقة في حجم مصر من ناحيتين الأولي خارجية و ذلك بسبب حساسية المرحلة الحالية في العالم العربي و تزامنها مع التحديات الإيرانية المزعومة و ما تسببه من ذعر لدول الخليج وللكيان الصهيوني مما قد يهدد المصالح الأمريكية بشكل مباشر و غير مباشر في المنطقة إذا ما إلتزمت مصر الحياد التام تجاه هذه التفاعلات السياسية في المنطقة .. و الناحية الثانية داخلية و ما قد يسببه تصعيد هذه الأزمة من تأثير سلبي علي حملة الريس أوباما حرب الإنتخابية بسبب تعريض حياة الرعايا الأمريكان لخطر المتابعات القضائية و السجن بسبب تصريحات غير مسئولة ..
وهو ما يعيد للجميع وعلي رأسهم الريس أوباما حرب شخصياً الذكرى المؤلمة لأحداث السفارة الإيرانية و أزمة الرهائن الأمريكان في نهاية عهد كارتر بالبيت الأبيض .. مع إختلاف طفيف أن السفيرة اللوذعية آن باترسون هي المحتجزة الفعلية هذه المرة لهؤلاء الرهائن بزعم حمايتهم أو حماية نفسها .. نعم هي تحتجزهم كرهائن لضمان سرعة تحرك الإدارة الأمريكية لحل هذه الأزمة ..
فكيف سيتم إخراجهم من مصر إذا ثبت تورطهم ؟ .. إذا حاولت تهريبهم بالطرق العادية سيتم القبض عليهم تنفيذاً للقانون .. ولذلك لن يكون أمامها سوى تهريبهم عن طريق الحقيبة الدبلوماسية و هو أمر خطير جداً سيتسبب في مشكلة أمنية كبرى سوف تتعرض لها كافة البعثات الدبلوماسية في العالم كله .. أو يتم تهريبهم عن طريق الإجراء المتبع في مثل هذه الحالات الحرجة .. الباسبور السحرى .