من الواضح أن زيارة جيمي كارتر الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية هي زيارة خاصة جداً
فالزيارة تأتي في ظل توتر ملحووظ في العلاقات المصرية الأمريكية دبلوماسياً
بسبب تصريحات هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية البذيئة
و إصرار الحكومة المصرية علي إتخاذ كافة الإحراءات القانونية تجاه المنظمات و المؤسسات التي تتلقي تمويلاً خارجياً بطرق مشبوهة مع توجيه التوبيخ للإدارة الأمريكية و نسائها من الدبلوماسيات
بل و إصرار الحكومة المصرية علي الحصول علي إعتذار رسمي
مما يحمل (بائع الفستق ) كارتر عبء إجراء عملية سياسية لإستئصال اسباب الخلاف بين الدولتين
خاصة في مجال مؤسسات حقوق الإنسان التي يتربع علي عرشها الأن من خلال مركز كارتر الدولي
كما تطمع الإدارة الأمريكية في أن ينجح كارتر في إقناع النظام المصرى بمنهجية عمل هذه المؤسسات و ضرورتها
كما أقنع الزعيم الراحل أنور السادات بالعودة إلي مائدة المفاوضات في خطوة مهمة من خطوات إتمام إتفاقية كامب ديفيد آنذاك
فالزيار كان من المقرر لها بداية المرحلة الثالثة للإنتخابات البرلمانية
كزيارة ضمن جدول أعمال مركز كارتر الدولي لمراقبة و متابعة هذه الإنتخابات طبقاً للترخيص الممنوح له
إلا أن تمسك الحكومة المصرية بموقفها من هذه الكيانات المشبوهة جعل الإدارة الأمريكية تؤجل هذه الزيارة
حتي إذا أستنفذت الطرق الرسمية في حل هذه الأزمة يتم الدفع برموز غير رسمية (كبائع الفستق) للتوسط و تقريب وجهات النظر
و أعتقد أن مهمة كارتر لن تكون سهلة خاصة بعد رفض المشير طنطاوى لوساطة بانيتا وزير الدفاع الأمريكي
و كذلك في ظل فشل السفيرة الأمريكية في التواصل مع الخارجية المصرية بعد سيل التوبيخ الذى نالها بعد التصريحات المهينة
فضلاً عن أن زيارة جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكية منذ يومين لم تأتي بثمارها المرجوة و عاد الرجل إلي بلاده محملاً بإنطباعات سلبية مما لمسه من غضب حقيقي في نفوس الدولة المصرية
من التصريحات البذيئة لهيلارى و الصورة الكاذبة التي تنقلها باترسون عن الأوضاع في مصر
و أعتقد أيضاً أن كارتر سيستغل علاقات شخصية قديمة جداً مع بعض الشخصيات المصرية التي تعترف بدوره الفعال في إنجاح إتفاقية السلام .. و أعتقد أيضاً أن زيارة بائع الفستق سيصاحبها تغيير إيجابي من جانب الإعلام الغربي عن الأوضاع في مصر مهيئاً كافة الأسباب لنجاح مهمة كارتر
في النهاية جيمي كارتر من أنجح الشخصيات العالمية في مجال حل النزاعات الدولية و حقوق الإنسان لتمتعه ببعض الحيادية و الجرءة في المواجهة أهلته للحصول علي جائزة نوبل للسلام عام 2002 من خلال رعايته الكاملة لمركز كارتر الدولي
كما أعطي زراعة الفستق منظوراً أخر عندما عمل علي تطوير مزرعة العائلة في الخمسينيات
صاحب الدور الأبرز في إتفاقية كامب ديفيد بين مصر و الكيان الصهيوني .. فضلاً عن دوره الملموس لعودة رئيس هايتي إلي الحكم
و كذلك دوره في إقرار الكونغرس لاتفاقية إعادة قناة بنما للسيطرة البنمية و دوره الفعال في تقسيم السودان
وبالرغم من هذه المقومات الشخصية إلا أنه فشل في إدارة الدولة الأمريكية خلال أربع سنوات قضاها في البيت الأبيض بدأت بمشاكل إقتصادية مؤثرة علي المواطن الأمريكي مروراً بسقوط حكم الشاه في إيران في يد دولة الخميني
و إستسلامه لرؤى أمراء الحرب داخل المخابرات الأمريكية
و ما إستتبعه من بدايات تقنين التدخل الأمريكي في العالم العربي من خلال ما يسمى بـ "مبدأ كارتر"
ووضع حجر أساس تشكيل قوات التدخل السريع في المنطقة.
و إعطاء هؤلاء الأمراء الضوء الأخضر و بصورة رسمية الحق في إتخاذ كل الوسائل الممكنة بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لمقاومة أية محاولة من جانب أية دولة خارجية للسيطرة على هذه المنطقة.
و بالرغم من إستسلامه لأمراء المخابرات الأمريكية إلا أن هذا لم يشفع له عندهم و لم يساندوه بالقدر الكافي في معركة الرهائن الأمريكان الدبلوماسيين في طهران .. بل ضحوا به من أجل عيون اليمين الأمريكي المتطرف
و لاقي هزيمة منكرة أمام ريجان مع بداية الثمانينيات
فهل ينجح بائع الفستق هذه المرة في حل أزمة السفارة الأمريكية في مصر أم تلازمة العقدة الإيرانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق